27‏/06‏/2015

سمر في بيت النبوة

أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها تحكي قصة للنبي ﷺ والنبي يسمع ويصغي لها، ثم يعلق في آخر القصة ويختار أفضل الأمثلة لعلاقته بها ( كنتُ لكِ كـ أبي زرعٍ لـ أمّ زرع )
روى الإمام البخاري في صحيحه في كتاب النكاح، باب السمر مع الأهل ومسلم والنسائي وغيرهم
عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها وهي تقص على النبي عليه الصلاة والسلام حكاية أم زرع ، فقالت رضي الله عنها :
(جلست إحدى عشرة امرأة فتعاهدن، وتعاقدن، أن لا يكتمن من أخبار أزواجهن شيئا.
فقالت الأولى: زوجي لحم جمل غَثّ، على رأس جبل، لا سهل فيرتقى، ولا سمين فينتقل.
قالت الثانية: زوجي لا أبث خبره، إني أخاف أن لا أَذَرَه، إن أَذْكُرْهُ، أَذْكُرْ عُجَرَه وبُجَرَه.
قالت الثالثة: زوجي العَشَنَّق، إن أنطقْ أُطَلَّق، وإن أسكت أُعَلَّق.
قالت الرابعة: زوجي كليل تِهامة، لا حَرٌّ ولا قُرٌ ولا مخافة ولا سآمة.
قالت الخامسة: زوجي إن دخل فَهِدَ، وإن خرج أًسٍدً، ولا يَسأل عما عَهِدَ.
قالت السادسة: زوجي إن أكل لفَّ، وإن شرب اشتفَّ، وإن اضطجع التفَّ، ولا يولج الكفَّ ليعلم البَثّ.
قالت السابعة: زوجي غياياء أو عياياء طباقاء، كل داء له داء، شجّكِ أو فَلَّكِ أو جمع كلا لك.
قالت الثامنة: زوجي، المسُّ مسُّ أرنب، والريح ريح زَرْنَب.
قالت التاسعة: زوجي رفيع العماد، طويل النِّجاد، عظيم الرماد، قريب البيت من النَّاد.
قالت العاشرة: زوجي مالك، وما مالك، مالك خير من ذلك، له إبل كثيرات المبارك، قليلات المسارِح، وإذا سمعن صوت المِزْهَر أيقن أنهن هوالك.
قالت الحادية عشرة: زوجي أبو زرع فما أبو زرع، أَنَاسَ من حلي أذني، وملأ من شحم عَضُدَي، وبَجَّحَنِي فبجحت إلي نفسي، وجدني في أهل غُنيمة بشق، فجعلني في أهل صَهِيلٍ وأَطِيطٍ، ودائس ومُنَق، فعنده أقول فلا أُقبَّح، وأرقد فأتصبح، وأشرب فأتقنَّح.
أم أبي زرع، فما أم أبي زرع، عُكُومُها رَدَاح، وبيتُها فَسَاح.
ابن أبي زرع فما ابن أبي زرع، مضجعه كَمَسَلِّ شَطْبَة، ويشبعه ذراع الْجَفْرَة.
بنت أبي زرع، فما بنت أبي زرع، طَوْعُ أبيها، وطوع أمها، ومِلءُ كسائها، وغيظُ جارتها.
جارية أبي زرع، فما جارية أبي زرع، لا تَبُثُّ حديثنا تبثيثا، ولا تنقِّث ميرتنا تنقيثا، ولا تملأ بيتنا تعشيشا.
قالت: خرج أبو زرع والأوطاب تُمَْخَض، فلقي امرأة معها ولدان لها كالفهْدين يلعبان من تحت خَصرها برمانتين، فطلقني ونكحها، فنكحت بعده رجلا سَرِيّا، رَكِبَ شَرِيّا، وأخذ خَطِّيا، وأراح علَّي نعما ثَرِيَّا، وأعطاني من كل رائحة زوجا، وقال: كلي أم زرع، ومِيري أهلك، قالت: فلو جمعتُ كل شيء أعطانيه ما بلغ أصغر آنية أبي زرع.
قالت عائشة: قال رسول الله ﷺ : "كنت لك كأبي زرع لأم زرع" .
وفي رواية النسائي قال لها: ( ولكني لا أطلقك ).

23‏/06‏/2015

ميثاق قضائي من أمير المؤمنين عمر بن الخطاب

وثيقة عُمَرية نفيسة وميثاق قضائيّ صدر من الخليفة الراشد تلقتها الأمة بالقبول، وتناقلها المحدثون والفقهاء والأدباء والمؤرخون، وأوردوها في مصنفاتهم، وشرحها الإمام ابن القيم شرحًا مطولًا في كتابه النفيس : (إعلام الموقعين عن رب العالمين )
كما تُرجمت هذه الوثيقة إلى عدة لغات عالمية
إنها الوثيقة التي بعثها أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، إلى قاضيه أبي موسى الأشعري رضي الله عنه ، بعد أن ولاه عمر القضاء في الكوفة والبصرة سنة 21  هـ
سطَّر فيها عمر - رضي الله عنه - وصايا جامعة وقواعد شاملة، ترسم للقاضي مسيرة عدله، وتعينه على نفسه، وتنبهه إلى أمور إجرائية في التعامل مع الخصوم والبينات ، وهذا بعض ما جاء فيه :
▪ كتب عمر إلى أبي موسى الأشعري - رضى الله عنهما -:
" أن القضاء فريضةٌ محكمةٌ، وسنةٌ متبعةٌ، فافهم إذا أُدلي إليك، فإنه لا ينفع تكلمٌ بحقّ لا نفاذ له
▪ وآسِ بين الناس في وجهك ومجلسك وقضائك؛ حتى لا يطمع شريفٌ في حيفك، ولا ييئَس ضعيفٌ من عدلك
▪ البينة على مَن ادعى، واليمين على من أنكر، والصلح جائزٌ بين المسلمين، إلا صلحًا أحل حرامًا، أو حرم حلالًا
▪ ومن ادعى حقًّا غائبًا أو بينةً، فاضرب له أمدًا ينتهي إليه، فإن جاء ببينةٍ أعطيته بحقه، فإن أعجزه ذلك استحللت عليه القضية، فإن ذلك أبلغ في العذر وأجلى للعمى
▪ ولا يمنعك من قضاءٍ قضيته اليوم فراجعت فيه لرأيك وهديت فيه لرشدك - أن تراجع الحق؛ لأن الحق قديمٌ، لا يبطل الحق شيء، ومراجعة الحق خيرٌ من التمادي في الباطل
▪ والمسلمون عدولٌ، بعضهم على بعضٍ في الشهادة، إلا مجلودٌ في حدٍّ أو مجربٌ عليه شهادة الزور، أو ظنينٌ في ولاءٍ أو قرابةٍ، فإن الله - عز وجل - تولى من العباد السرائر، وستر عليهم الحدود إلا بالبينات والأيمان
▪ ثم الفهم الفهم فيما أدلي إليك مما ليس في قرآنٍ ولا سنةٍ، ثم قايس الأمور عند ذلك، واعرف الأمثال والأشباه، ثم اعمد إلى أحبها إلى الله فيما ترى، وأشبهها بالحق
▪ وإياك والغضب والقلق، والضجر والتأذي بالناس عند الخصومة والتنكر، فإنَّ القضاء في مواطن الحق يوجب الله له الأجر، ويحسن به الذخر، فمن خلصت نيته في الحق ولو كان على نفسه كفاه الله ما بينه وبين الناس، ومن تزيَّن لهم بما ليس في قلبه شانه الله، فإن الله - تبارك وتعالى - لا يقبل من العباد إلا ما كان له خالصًا.."
👈 قال ابن تيمية - رحمه الله تعالى -: " ورسالة عمر المشهورة في القضاء إلى أبي موسى الأشعري تداولها الفقهاء، وبنوا عليها، واعتمدوا على ما فيها من الفقه وأصول الفقه " منهاج السنة
👈 وقال عنه الإمام ابن القيم - رحمه الله تعالى -: " وهذا كتاب جليل تلقاه العلماء بالقبول، وبنوا عليه أصول الحكم والشهادة والحاكم، والمفتي أحوج شيء إليه وإلى تأمله والتفقه فيه " إعلام الموقعين

22‏/06‏/2015

الحياة الطيّبة

#على_مائدة_الإفطار‬
وقول الله تعالى :
{مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}
فهذا وعد من الحق جل وعلى لمن آمن وعمل صالحاً أن يحييه حياة طيبة ، والحياة الطيبة التي وعد الله بها لمن آمن وعمل صالحاً قيل : هي في الآخرة ، وقيل : هي في القبر ، وقيل : هي في الدنيا وإنها القناعة
وقيل: هي الرزق الحلال
وقيل : هي السعادة
وقيل: الطاعة
وقيل : الرزق الطيب والعمل الصالح
وقيل: حلاوة الطاعة
وقيل : الكفاية
وقيل : الرضى بالقضاء .
والصحيح أن الحياة الطيبة تشمل كل ذلك وهي في الدنيا والبرزخ وفي الآخرة ، وأنه لا أطيب ولا أنعم من عيش المؤمن الصالح وإن اجتمعت عليه كل المنغصات الدنيوية
ولا أشقى وأنكد من عيش الكافر والفاجر وإن اجتمعت له كل الملذات الدنيوية .
لأن الحياة الحقيقية هي حياة القلب واللذة الحقيقية هي لذة القلب
ولا يحيى القلب ولا ينعم ولا يستقر ولا يطمئن ...إلا بالإيمان والعمل الصالح ، ولأن القلب ما خلق إلا ليكون مستقراً ومستودعا لحب الله جل جلاله وعبوديته والإيمان به ، فكيف ينعم بإدخال غير محبة الله فيه ؟!!
وهذه الآية الكريمة مهما تكلم المرء عن حقيقتها وجمالها ومعانيها فإن الكلام عنها لا ينتهي ، عرف ذلك من ذاق طعم الإيمان والعمل الصالح ، أما من صورته صورة إنسان ولما يذق طعم الإيمان بعد فلا يفقه هذا الكلام ولا يفهمه ...وأنى له ذلك وهو في الحقيقة ميت وجسمه الذي يمشي به قبر له قبل قبره الذي يؤول إليه .
عمار منصور الهلالي

#على_مائدة_الإفطار


وقول النبي صلى الله عليه وسلم : { عجباً لأمر المؤمن إن أمره كله خير ، وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن ؛ إن أصابته سرّاء شكر ؛ فكان خيراً له ، وإن أصابته ضرّاء صبر ؛ فكان خيراً له } رواه مسلم .
فمن تمام نعمة الله على عباده المؤمنين أن ينزل بهم الشدة والضراء وما يلجئهم إلى توحيده ، فيدعونه مخلصين له الدين ويرجونه لا يرجون أحداً سواه وتتعلق قلوبهم به لا بغيره فيحصل لهم من التوكل عليه والإنابة إليه وحلاوة الإيمان وذوق طعمه والبراءة من الشرك ما هو أعظم نعمة عليهم من زوال المرض والخوف أو الجدب أو حصول اليسر وزوال العسر في المعيشة ، فإن ذلك لذات بدنية ونعم دنيوية قد يحصل للكافر منها أعظم مما يحصل للمؤمن .
وأما ما يحصل لأهل التوحيد المخلصين لله الدين فأعظم من أن يعبر عن كنهه مقال ولكل مؤمن من ذلك نصيب بقدر إيمانه ...
وقال بعض العارفين : إنه ليكون لي إلى الله حاجة فأدعوه فيفتح لي من لذيذ معرفته وحلاوة مناجاته ما لا أحب معه أن يعجل قضاء حاجتي خشية أن تنصرف نفسي عن ذلك .
( من فتاوى ابن تيمية)

19‏/06‏/2015

لا إله إلا الله... منهاج حياة

#على_مائدة_الإفطار 2
" وإننا ﻻنستطيع أن نزعم أننا وَفَّينا ﻻإله إلا الله حقها - وإن اعتقدنا الاعتقاد الصحيح ، وإن نَجَونا مِنَ الوقوعِ في شركِ العبادةِ ، وإن حَكَمَت محاكِمُنا بشريعة الله- إذا كنا مُتَخَلِّفين اقتصادياً أو متخلفين حضارياً أو متخلفين أخلاقياً ... ثم سَكَتنا عن ذلك ولم نعمل على إزالتهِ ...لأن هذه الأمور كلها من مقتضيات لا إله إلا الله،
و للهِ ولرسولهِ في شأنها تعليماتٍ واضحةً مُلزِمةً للأُمة الإسلامية ).
(لا إله إلا الله عقيدة وشريعة و منهاج حياة )

#على_مائدة_الإفطار 1

وقول الله تعالى : ﴿ وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ ﴾
وقيل لأبي سليمان الداراني : ما بال العقلاء أزالوا اللوم عمّن أساء إليهم ؟
قال : إنهم علموا أن الله تعالى إنما ابتلاهم بذنوبهم .
وهذا بابٌ عظيم من أبواب فقه النفس من ولجه أفلح في الدنيا والآخرة.
وذلك أنّ الناس فيما يصيبهم من مصائب ثلاثة أصناف :
الأول : يلوم القدر ويعترض على حكم العليم الخبير ، فهذا أضل الناس سعياً وأخسرهم صفقة.
والثاني : يلوم الناس وينشغل بالرد بالمثل دون النظر للسبب الذ ي سلط عليه من سلط .
والثالث : علم أنه إنما أتي من قبل نفسه وبما كسبت يده ، فتدارك نفسه وانشغل بها وبإصلاحها ، فذلك الفائز حقاً.
عمار منصور الهلالي