23‏/06‏/2015

ميثاق قضائي من أمير المؤمنين عمر بن الخطاب

وثيقة عُمَرية نفيسة وميثاق قضائيّ صدر من الخليفة الراشد تلقتها الأمة بالقبول، وتناقلها المحدثون والفقهاء والأدباء والمؤرخون، وأوردوها في مصنفاتهم، وشرحها الإمام ابن القيم شرحًا مطولًا في كتابه النفيس : (إعلام الموقعين عن رب العالمين )
كما تُرجمت هذه الوثيقة إلى عدة لغات عالمية
إنها الوثيقة التي بعثها أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، إلى قاضيه أبي موسى الأشعري رضي الله عنه ، بعد أن ولاه عمر القضاء في الكوفة والبصرة سنة 21  هـ
سطَّر فيها عمر - رضي الله عنه - وصايا جامعة وقواعد شاملة، ترسم للقاضي مسيرة عدله، وتعينه على نفسه، وتنبهه إلى أمور إجرائية في التعامل مع الخصوم والبينات ، وهذا بعض ما جاء فيه :
▪ كتب عمر إلى أبي موسى الأشعري - رضى الله عنهما -:
" أن القضاء فريضةٌ محكمةٌ، وسنةٌ متبعةٌ، فافهم إذا أُدلي إليك، فإنه لا ينفع تكلمٌ بحقّ لا نفاذ له
▪ وآسِ بين الناس في وجهك ومجلسك وقضائك؛ حتى لا يطمع شريفٌ في حيفك، ولا ييئَس ضعيفٌ من عدلك
▪ البينة على مَن ادعى، واليمين على من أنكر، والصلح جائزٌ بين المسلمين، إلا صلحًا أحل حرامًا، أو حرم حلالًا
▪ ومن ادعى حقًّا غائبًا أو بينةً، فاضرب له أمدًا ينتهي إليه، فإن جاء ببينةٍ أعطيته بحقه، فإن أعجزه ذلك استحللت عليه القضية، فإن ذلك أبلغ في العذر وأجلى للعمى
▪ ولا يمنعك من قضاءٍ قضيته اليوم فراجعت فيه لرأيك وهديت فيه لرشدك - أن تراجع الحق؛ لأن الحق قديمٌ، لا يبطل الحق شيء، ومراجعة الحق خيرٌ من التمادي في الباطل
▪ والمسلمون عدولٌ، بعضهم على بعضٍ في الشهادة، إلا مجلودٌ في حدٍّ أو مجربٌ عليه شهادة الزور، أو ظنينٌ في ولاءٍ أو قرابةٍ، فإن الله - عز وجل - تولى من العباد السرائر، وستر عليهم الحدود إلا بالبينات والأيمان
▪ ثم الفهم الفهم فيما أدلي إليك مما ليس في قرآنٍ ولا سنةٍ، ثم قايس الأمور عند ذلك، واعرف الأمثال والأشباه، ثم اعمد إلى أحبها إلى الله فيما ترى، وأشبهها بالحق
▪ وإياك والغضب والقلق، والضجر والتأذي بالناس عند الخصومة والتنكر، فإنَّ القضاء في مواطن الحق يوجب الله له الأجر، ويحسن به الذخر، فمن خلصت نيته في الحق ولو كان على نفسه كفاه الله ما بينه وبين الناس، ومن تزيَّن لهم بما ليس في قلبه شانه الله، فإن الله - تبارك وتعالى - لا يقبل من العباد إلا ما كان له خالصًا.."
👈 قال ابن تيمية - رحمه الله تعالى -: " ورسالة عمر المشهورة في القضاء إلى أبي موسى الأشعري تداولها الفقهاء، وبنوا عليها، واعتمدوا على ما فيها من الفقه وأصول الفقه " منهاج السنة
👈 وقال عنه الإمام ابن القيم - رحمه الله تعالى -: " وهذا كتاب جليل تلقاه العلماء بالقبول، وبنوا عليه أصول الحكم والشهادة والحاكم، والمفتي أحوج شيء إليه وإلى تأمله والتفقه فيه " إعلام الموقعين

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

السلام عليكم